- 1 النبوءات عن مكان ولادة وعمل المسيح
- 2 النبوءات عن زمن ظهور المسيح
- 3 النبوءات عن الممهد لمجيء المسيح
- 4 النبوءات التي تتعلق ببعض مميزات المسيح
- 5 النبوءات عن المسيح النبي، الملك، والكاهن
- 6 النبوءات عن المسيح، ابن داود، ابن الله. ألوهية المسيح
- 7 النبوءات عن المسيح مخلّص جميع الأمم: شمولية المسيح
- 8 النبوءات عن المسيح المتألم
- 9 النبوءات عن قيامة المسيح
- 01 الخاتمة
قليل من الناس يفهم مأساة يسوع والسبب الذي من أجله رفض اليهود الاعتراف أنه المسيح المنتظر. لقد رفض أن يعيد إقامة مملكة يهودية لأن ملكوت الله “ليس من هذا العالم” (يوحنا 18، 36). هكذا فإن أية دولة دينية يهودية هي مرفوضة من الله كما الحال بالنسبة لأية دولة مسيحية أو إسلامية. إذ أن الله هو للمؤمنين، بينما الدول تخص كافة المواطنين، مؤمنين وغير مؤمنين.
أعلن أبانا السماوي في كتب العهد القديم عن مجيء المسيح موحياً بكثير من النبوءات عن رسالته، حياته وطريقة وجوده.
وبسبب علاقتهم مع يسوع، أدرك الرسل أنه هو من تكلّم عنه موسى والأنبياء:
يوحنا 1، 45: “وجدنا الذي ذكره موسى في الشريعة، والأنبياء في الكتب، وهو يسوع ابن يوسف من الناصرة”.
وفيما بعد، بعد قيامته، فسّر لهم يسوع بنفسه نبوءات العهد القديم المتعلقة به:
لوقا 24، 25 – 27: “فقال لهما يسوع: ما أغباكما وما أبطأكما عن الإيمان بكل ما قاله الأنبياء! أما كان يجب على المسيح أن يعاني هذه الآلام، فيدخل في مجده؟ وشرح لهما ما جاء عنه في جميع الكتب المقدسة”.
لوقا 24، 44 – 45: “ثم قال لهم: عندما كنت بعد معكم قلت لكم: لا بد أن يتم لي كل ما جاء عني في شريعة موسى وكتب الأنبياء والمزامير. ثم فتح أذهانهم ليفهموا الكتب المقدسة”.
عن أية نبوءات تكلّم يسوع إلى رسله؟
النبوءات عن مكان ولادة وعمل المسيح
ميخا 5، 2: “لكن يا بيت لحم أفراتة، صغرى مدن يهوذا، منك يخرج لي سيد على بني إسرائيل يكون منذ القديم، منذ أيام الأزل”.
إشعيا 8، 23 و 9، 1: “في الزمان الأول أهينت أرض زبولون وأرض نفتالي (الجليل). وأما في الزمان الأخير، فتكرّم تلك الأنحاء ما بين طريق البحر وعبر الأردن جليل الأمم. الشعب السالك في الظلام رأى نوراً ساطعاً، والجالسون في أرض الموت وظلاله أشرق عليهم النور”.
خلاصة: وفقاً لنبوءات العهد القديم، فإن المسيح سيولد إذاً في بيت لحم ويعيش في الجليل. عند ولادة يسوع، كان رؤساء الكهنة والكتبة يعلمون ذلك جيداً، بما أنهم أشاروا إلى هيرودوس الذي أنذره المجوس أن بيت لحم هي مكان ولادة المسيح (متى 2، 3 – 4؛ راجع أيضاً متى 4، 12 – 16).
النبوءات عن زمن ظهور المسيح
دانيال 2، 1 – 49: يفسّر النبي دانيال رؤيا نبوخذنصر، الملك البابلي:
“…أنت أيها الملك رأيت فإذا بتمثال عظيم هائل كثير البهاء. كان واقفاً أمامك وكان منظره رهيباً. وكان رأسه من ذهب خالص (الامبراطورية البابلية)، وصدره وذراعاه من فضة (الامبراطورية الميديا-فارسية)، وبطنه وفخذاه من نحاس (الامبراطورية اليونانية)، وساقاه من حديد (الامبراطورية الرومانية)، وقدماه بعضهما من حديد والبعض من خزف (العهد الروماني اليوناني، مراجعة المكابيين الأول 8، 17 / المكابيين الأول 15، 15+) وفي أيام هؤلاء الملوك، يقيم إله السماء مملكة لا تخرب أبداً، ولا يغلب سلطانها شعب آخر (ملكوت المسيح الذي هو ملكوت روحي)، فتسحق وتفني جميع تلك الممالك وهي تثبت إلى الأبد. ورأيت أن حجراً انقطع من الجبل من دون أن تلمسه يد، فسحق الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب، فهذا يعني أن الإله العظيم أعلم الملك ما سيكون…”
خلاصة: الامبراطوريات الأربع المعلنة هي البابلية، الميديا-فارسية، اليونانية والرومانية. بحسب نبوءة دانيال، كان على المسيح إذاً أن يظهر في عهد المملكة الرومانية.
النبوءات عن الممهد لمجيء المسيح
ملاخي 3، 1: “ها أنا أرسل رسولي، فيهيء الطريق أمامي”.
ملاخي 3، 23: “ها أنا أرسل إليكم إيليا النبي، قبل أن يجيء يوم الرب، العظيم الرهيب”.
إشعيا 40، 3 – 8: “صوت صارخ في البرية: هيئوا طريق الرب. مهدوا في البادية درباً قويماً لإلهنا. كل وادٍ يرتفع. كل جبل وتل ينخفض… فيظهر مجد الرب … كل بشر عشب وكزهر الحقل بقاؤه. ييبس ويذوي مثلهما…أمّا كلمة إلهنا (الكلمة) فتبقى إلى الأبد”.
خلاصة: بشير يجب أن يمهّد الطريق للمسيح. مهّد يوحنا المعمدان الطريق ليسوع بدعوة اليهود للتوبة. وكشف لنا يسوع بنفسه أن يوحنا المعمدان هو “إيليا الذي قد جاء” (متى 17، 11).
النبوءات التي تتعلق ببعض مميزات المسيح
إشعيا 42، 1 – 4: “ها عبدي الذي أسانده، والذي اخترته ورضيت به. جعلت روحي عليه، فيأتي للأمم بالعدل. لا يصيح، ولا يرفع صوته، ولا يسمع في الشارع صراخه. قصبة مرضوضة لا يكسر وشعلة خامدة لا يطفئ”. (يتصرف من دون ضوضاء إعلامية، من دون أن يعلن عن نفسه، بكثير من اللياقة).
زكريا 9، 9 – 10: “ابتهجي يا بنت صهيون، واهتفي يا بنت أورشليم ها ملكك يأتيكِ عادلاً مخلصاً، وديعاً راكباً على حمار، على جحش ابن أتان. سأقضي على مركبات الحرب في أفراييم والخيل وأقواس القتال في أورشليم”.
إشعيا 61، 1 – 2: “روح السيد الرب علي، لأن الرب مسحني له. أرسلني لأبشر المساكين وأجبر المنكسري القلوب، لأنادي للمسبيين بالحرية وللمأسورين بتخلية سبيلهم، وأنادي بحلول سنة رضاه…”
إشعيا 35، 5 – 6: “عيون العمي تنفتح، وكذلك آذان الصم. ويقفز الأعرج كالغزال ويترنم لسان الأبكم” (راجع متى 11، 2- 6).
مزمور 69، 10: “غيرتي على بيتك أكلتني، وما يعيرونك به وقع علي”.
إشعيا 28، 16: “ها أنا أضع في صهيون حجراً مختاراً، حجر زاوية، كريماً، أساساً راسخاً، فمن آمن به لن ينهزم. وأجعل العدل ميزاناً والحق معياراً”.
مزمور 118، 22 – 24: “الحجر الذي رفضه البناؤون صار رأس الزاوية؛ من عند الرب كان ذلك، وهو عجيب في عيوننا. هذا يوم صنعه الرب، فلنبتهج ولنفرح به”. (هذا الحجر رأس الزاوية هو المسيح: راجع لوقا 20، 9 – 19).
إرميا 23، 5 – 6: “ستأتي أيام يقول الرب، أقيم من نسل داود ملكاً صالحاً، يملك ويكون حكيماً ويجري الحق والعدل في الأرض”.
إشعيا 53، 3: “محتقر منبوذ من الناس”.
خلاصة: المسيح الآتي سيكون وديعاً ومتواضعاً. يقضي على مفهوم الحرب ويقيم الحق والعدل. لا ينشر الإشاعات. سيكون محتقراً منبوذاً وشافياً للمرضى. يتميز بحماس كبير لبيت الرب. هذه الصورة التي أعطاها أنبياء العهد القديم عن المسيح تناقض صورة المسيح المحارب، الفاتح، المحرِّر من الرومان، الذي كان ينتظره اليهود. لهذا احتقروا يسوع ورفضوه، كما أعلنت النبوءة نفسها: سيرفضه أهل بيته.
النبوءات عن المسيح النبي، الملك، والكاهن
التثنية 18، 18 – 19: “قال الرب لموسى: سأقيم لهم نبياً من بين أخوتهم مثلك وألقي كلامي في فمه، فينقل إليهم جميع ما أكلّمه به. وكل من لا يسمع كلامي الذي يتكلم به باسمي أحاسبه عليه” (راجع يوحنا 5، 45 – 46).
التكوين 49، 10: “لا يزول الصولجان من يهوذا ولا عصا السلطان من صلبه إلى أن يأتي من له الصولجان، من له طاعة الشعوب. يربط بالكرمة جحشه وبالدالية ابن أتانه…”
العدد 24، 17: “أراه وهو غير حاضر، وأبصره وهو غير قريب. يطلع كوكب من بني يعقوب ويقوم صولجان من بني إسرائيل”.
المزامير 2، 2 – 7: “ملوك الأرض يثورون وحكامها يتآمرون معاً على الملك الذي مسحه الرب… والرب في غيظه يرعبهم ويقول: أنا مسحت ملكي على صهيون جبلي المقدس…”
إشعيا 9، 5 – 6: “لأنه يولد لنا ولد ويعطى لنا ابن وتكون الرئاسة على كتفه… سلطانه يزداد قوة، ومملكته في سلام دائم، يوطد عرش داود ويثبت أركان مملكته على الحق والعدل من الآن إلى الأبد. غيرة الرب القدير تعمل ذلك”.
زكريا 6، 12 – 13: “هذا ما قال الرب القدير: ذلك الرجل الذي اسمه الغصن سيطلع من تحت ويبني هيكل الرب، وهو يحمل الجلال ويجلس سيداً على كرسيه ويكون كاهناً على كرسيه”.
زكريا 9، 9: ابتهجي يا بنت صهيون، واهتفي يا بنت أورشليم ها ملكك يأتيكِ عادلاً مخلصاً وديعاً راكباً على حمار”.
المزامير 72، 1 – 17: “علّم الملك أحكامك يا الله وابن الملك عدالتك ليدين شعبك بالعدل وعبادك المساكين بالإنصاف… فيدوم ما دامت الشمس وما دام القمر جيل بعد جيل… ويعم السلام حتى زوال القمر… أمامه يسجد الوحش وأعداؤه يلحسون التراب… فتتبارك به جميع الشعوب”.
المزامير 110، 4: “أقسم الرب ولن يندم: أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكيصادق. الرب يقف عن يمينك…”
ملاخي 2، 4 – 8 ؛ 3، 1 – 4: “فتعلمون أني أرسلت إليكم بهذه الوصية كي لا يثبت عهدي مع لاوي أبيكم، كان عهدي معه… أما أنتم فحدتم الآن عن الطريق… ونقضتم عهد لاوي أبيكم. ورسول العهد الذي به تسرون ها هو آتٍ،…فينقي بني لاوي ويصفّيهم كالذهب والفضة ليقرّبوا التقدمة للرب صادقين”. (سيؤسس رسول العهد، أي المسيح، كهنوتاً جديداً، لا يكون بحسب كهنوت لاوي بل بحسب كهنوت ملكيصادق؛ راجع التكوين 14، 18 – 20 / عبرانيين 5 – 7).
إرميا 31، 31 – 33: “وستأتي أيام أعاهد فيها بيت إسرائيل عهداً جديداً (من خلال المسيح المعلن) لا كالعهد الذي عاهدته آباءهم… لأنهم نقضوه… أجعل شريعتي في ضمائرهم وأكتبها على قلوبهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً” (راجع لوقا 22، 19 – 20 / كورنثوس الأولى 11، 23 – 25).
خلاصة: سيكون المسيح نبياً عظيماً مثل موسى، وعلى اليهود أن يصغوا إليه، وإلا الله نفسه سيدينهم. سيكون ملكاً ولا يكون لملكه نهاية. سيكون كاهناً ويؤسس كهنوتاً جديداً.
النبوءات عن المسيح، ابن داود، ابن الله. ألوهية المسيح
صموئيل الثاني 7، 12 – 16: “يقول الله لداود بلسان النبي ناثان: وإذا انتهت أيامك ورقدت مع آبائك، أقمت خلفاً لك من نسلك الذي يخرج من صلبك وثبت ملكه… أكون له أباً وهو يكون لي ابناً. وأما رحمتي فلا أنزعها عنه كما نزعتها عن شاول الذي أزلته من أمام وجهك. بل يكون بيتك وملكك ثابتين على الدوام أمام وجهي، وعرشك يكون راسخاً إلى الأبد. فكلّم ناثان داود بجميع هذا الكلام وهذه الرؤيا كلها”.
المزامير 2، 2- 7: “ملوك الأرض يتآمرون معاً على الرب وعلى الملك الذي مسحه الرب (المسيح)… والرب يؤنبهم في غضب ويقول: أنا مسحت ملكي على صهيون جبلي المقدس… دعوني أنا الملك أخبر بما قضى به الرب: أنت ابني وأنا اليوم ولدتك”.
المزامير 110، 3: “قال الرب لسيدي الملك (للمسيح) صولجان عزّك يرسله الرب… شعبك يلتف حولك طوعاً يوم تقود جنودك على الجبال المقدسة، فمن رحم الفجر حلّ كالندى شبابك”.
إشعيا 7، 14 – 15: “لكن السيد الرب نفسه يعطيكم هذه الآية: ها هي العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل” (عمانوئيل يعني: الله معنا).
إشعيا 9، 5 – 6: “لأنه يُولد لنا ولد ويُعطى لنا ابن وتكون الرئاسة على كتفه. يُسمّى باسم عجيب، ويكون مُشيراً وإلهاً قديرا وأباً أبدياً ورئيس السلام. سلطانه يزداد قوة، ومملكته في سلام دائم. يوطد عرش داود ويثبت أركان مملكته على الحق والعدل من الآن إلى الأبد. غيرة الرب القدير تعمل ذلك”.
ميخا 5، 2: “لكن يا بيت لحم أفراتة، صغرى مدن يهوذا، منك يخرج سيد على إسرائيل يكون منذ القديم، منذ أيام الأزل”.
دانيال 7، 13 – 14: “ورأيت في منامي ذلك الليل، فإذا بمثل ابن انسان آتياً على سحاب السماء، فأسرع إلى الشيخ الطاعن في السن. فقرب أمامه وأعطي سلطاناً ومجداً وملكاً حتى تعبده الشعوب من كل أمة ولسان ويكون سلطانه سلطاناً أبدياً لا يزول، وملكه لا يتعداه الزمن”.
إشعيا 11، 1 – 9: “يخرج فرع من جذع يسى (والد داود) وينمو غصن من أصوله. روح الرب ينزل عليه، روح الحكمة والفهم والمشورة روح القوة والمعرفة والتقوى، ويبتهج بمخافة الرب”.
إرميا 23، 5 – 6: “ستأتي أيام يقول الرب، أقيم من نسل داود ملكاً صالحاً يملك… ويكون اسمه: “الرب صادق معنا”.
المزامير 110، 1: “قال الرب لسيدي الملك (للمسيح): إجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئاً لقدميك”. (في هذا المزمور، ينادي داود المسيح “سيدي الملك”. كيف يكون ابنه إذاً؟). راجع متى 22، 41
خلاصة: سيدعى المسيح “ابن داود”، أي أنه بمعنى آخر سيكون من سلالة داود. الله يدعوه ابنه. سيكون له ملك أبدي ويُدعى “إلهاً قديراً وأباً أبدياً ويثبت أركان مملكته على الحق والعدل”. أصوله تعود لأيام الأزل.
النبوءات عن المسيح مخلّص جميع الأمم: شمولية المسيح
إشعيا 49، 5 – 6: “فقال الرب الذي جبلني من الرحم عبداً له… : قليل أن تكون لي عبداً لتثير همة أسباط يعقوب وترد الباقين من بني إسرائيل، ولتكون نوراً للأمم وخلاصاً إلى أقاصي الأرض” (راجع يوحنا 8، 12).
إشعيا 42، 1 و 6: “ها عبدي الذي أسانده، والذي اخترته ورضيت به! جعلت روحي عليه، فيأتي للأمم بالعدل. أنا الرب دعوتك في صدق وأخذت بيدك وحفظتك. جعلتك عهداً للشعوب ونوراً لهداية الأمم، فتفتح العيون العمياء…”
إشعيا 55، 3 – 5: “أعاهدكم عهداً أبدياً، عهد رحمتي الصادق لداود. جعلته رقيباً للأمم وقائداً ووصياً عليهم. يدعو شعوباً لا يعرفها وتتبعه أمم لا تعرفه”.
زكريا 9، 9 – 10: “ها ملكك يأتيكِ عادلاً مخلّصاً… سأقضي على مركبات الحرب… وأقواس القتال. فيتكلم ملكك بالسلام للأمم ويكون سلطانه من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض”.
ملاخي 1، 11: “فمن مشرق الشمس إلى مغربها اسمي عظيم في الأمم، وفي كل مكان يُحرق لاسمي البخور وتقرب تقدمة طاهرة (من خلال العهد الجديد للمسيح). لأن اسمي عظيم في الأمم، أنا الرب القدير”.
خلاصة: المسيح المنبثق من الوسط اليهودي هو “نور للأمم” ويحمل الخلاص والسلام لجميع أمم الأرض. هكذا نفهم بشكل أفضل الكلام الذي توجه به الله إلى ابراهيم في البداية:
“ويتبارك بك جميع عشائر الأرض” (التكوين 12، 3).
هذا الانفتاح لـ “إله إسرائيل” على جميع الأمم من خلال مجيء المسيح تحتويه بصورة ضمنية كثير من النصوص النبوية مثل ملاخي 1، 11 المذكور أعلاه. مثل آخر أعطي لنا في عاموس 9، 7 حيث ينكر الله على إسرائيل امتيازاً ما نسبة للأمم الأخرى:
“أما أنتم لي كأهل كوش يا بني إسرائيل، يقول الرب. ألم أخرج بيت إسرائيل من أرض مصر، والفلسطيين من كفتور والآراميين من قير؟”.
أو أيضاً في إشعيا 65، 1 – 2: “ظهرت لمن لا يسألون عني، ووُجدت لمن لا يطلبونني. وقلت ها أنا، ها أنا هنا لأمة لا تدعو باسمي. مددت يدي نهاراً وليلاً نحو شعب متمرد علي، يسيرون وراء أهوائهم في طريق لا خير فيه ويعاكسونني في كل حين” (راجع أيضاً إشعيا 19، 22 – 25).
النبوءات عن المسيح المتألم
الآيات التالية من كتب العهد القديم هي وصف متسلسل تاريخياً لآلام المسيح، نعرضها بالتتابع:
التكوين 49، 10: “لا يزول الصولجان من يهوذا ولا عصا السلطان من صلبه، إلى أن يتبوأ في شيلوه من له طاعة الشعوب. يربط بالكرمة جحشه، وبالدالية ابن أتانه. يغسل بالخمر ثيابه، وبدم العنب رداءه”. (النبوءة الأولى عن المسيح بلسان يعقوب والتي تتناول بطريقة رمزية آلام المسيح وخبز الحياة).
زكريا 11، 12 – 13: “وزنوا أجرتي ثلاثين من الفضة. فقال لي الرب: ألقها في الخزانة، وفي بيت الرب، ثمناً كريماً ثمّنوني به”.
زكريا 13، 7: “إضرب الراعي فتتبدد الخراف”.
إشعيا 50، 5 – 6: “أدير ظهري للضاربين وخدّي لناتفي اللحى. وأحتمل التعيير والبصق”.
إشعيا 53، 7: “ظُلم وهو خاضع وما فتح فمه. كان كنعجة تساق إلى الذبح”.
إشعيا 52، 14: “كثير من الناس دُهشوا منه، كيف تشّوه منظره كإنسان وهيئته كبني البشر. والآن تعجب منه أمم كثيرة ويسدّ الملوك أفواههم في حضرته”.
إشعيا 53، 2- 4: “لا شكل له (فننظر إليه)، ولا بهاء ولا جمال فنشتهيه. مُحتقر منبوذ من الناس، ومُوجع متمرس بالحزن. ومثل من تُحجب عنه الوجوه نبذناه وما اعتبرناه. حمل عاهاتنا وتحمل أوجاعنا، حسبناه مُصاباً مضروباً من الله ومنكوباً”.
المزامير 22، 8: “كل من يراني يستهزئ بي. يقلب شفتيه ويهز رأسه ويقول: توكل على الرب فلينجه، وينقذه إن كان يرضى عنه”.
المزامير 22، 17 – 18: “ثقبوا يدي ورجلي، ومن الهزال أعد عظامي”.
المزامير 22، 15 – 16: “…وتفككت جميع عظامي. صار قلبي مثل الشمع يذوب في داخل صدري. يبست كالخزف قوتي، ولساني لصق بحلقي”.
المزامير 22، 19: “يقتسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون”.
المزامير 69، 22: “جعلوا في طعامي علقماً، وفي عطشي سقوني خلاً”.
المزامير 22، 2: “إلهي، إلهي لماذا تركتني”.
إشعيا 53، 5: “مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل خطايانا. سلامنا أعده لنا، وبجراحه شفينا”.
زكريا 12، 10: “فينظرون إلى الذين طعنوه”.
إشعيا 53، 10 – 12: “لكن الرب رضي أن يسحقه بالأوجاع… وبوداعته يبرر عبدي الصديق كثيرين من الناس ويحمل خطاياهم…بذل للموت نفسه وأحصي مع العصاة، وهو الذي شفع فيهم وحمل خطايا كثيرين”.
إشعيا 53، 8: “…إنقطع من أرض الأحياء وضُرب لأجل معصية شعبه”.
المزامير 22، 16: “وإلى تراب الموت أنزلتني”.
إشعيا 53، 9: “وُضع مع الأشرار قبره ومع الأغنياء لحده، مع أنه لم يمارس العنف ولا كان في فمه غش”.
حتى أفكار اليهود الحميمة التي أدانته تم التنبوء بها، كما في مرآة:
الحكمة 2، 12 – 24: “ولتكن قوّتنا هي القانون العادل، لأن الضعف لم يكن حتى الآن نافعاً في شيء. فلنتحين الفرصة للانقضاض على الأتقياء لأنهم يضايقوننا ويقاومون أعمالنا ويتهموننا بمخالفة أحكام الشريعة ويفضحون خروجنا عن الأعراف والتقاليد. يدعون معرفة الله ويسمون أنفسهم أبناء الرب. كل همهم تفنيد آرائنا بل منظرهم يثير اشمئزازنا لأن سلوكهم غريب في الحياة يخالف سلوك الآخرين. يحسبوننا زائفين، فيتجنبون سلوكنا كأننا أنجاس، يبشرون أن نهاية الصالحين مباركة، ويتباهون بأنهم أبناء الله. فلننتظر لنرى هل أقوالهم هذه حق وكيف تكون عليه نهايتهم في الحياة. فإن كان الأتقياء أبناء الله، أفلا يعينهم وينقذهم من أيدي خصومهم؟ فلنمتحنهم بالإهانة والتعذيب لنعرف مدى وداعتهم ونختبر صبرهم. ولنحكم عليهم بالموت في العار لنرى إذا كان الله يرد عنهم”.
خلاصة: على المسيح أن يتألم ويموت ليفتدي الكثيرين، أن يُسحق لأجل خطايانا. كل تفاصيل آلام يسوع، من خيانة يهوذا له، وجلده، إلى دفنه في قبر رجل غني، قد أعلنها أبانا في كتب العهد القديم.
وعندما صرخ يسوع على الصليب قائلاً: “إلهي، إلهي لماذا تركتني”، كان يحيل الفريسيين الموجودين إلى المزمور 22 الذي يحتوي على جوهر آلام المسيح، هذه الآلام التي كانت تجري في الوقت نفسه تحت أنظارهم. حتى أن هذا المزمور قد تنبأ بكلام التحدي وباستهزائهم بيسوع: “كل من يراني يستهزئ بي، يقلب شفتيه ويهز رأسه ويقول: توكل على الرب فلينجه، وينقذه إن كان يرضى عنه” (المزامير 22، 8).
وأخيراً، أمام عناصر الطبيعة التي ثارت على سبيل الإشارة، اعترف القائد الروماني وجنوده بيسوع عند موته: “فلما رأى القائد وجنوده الذين يحرسون يسوع الزلزال وكل ما حدث، فزعوا وقالوا: بالحقيقة كان هذا الرجل ابن الله” (متى 27، 54).
الآيات التالية من العهد القديم تستبق حكم الذين سيرفضون صدّيق الله:
الحكمة 5، 1 – 7: “حينئذٍ يقوم الصديق بجرأة عظيمة في وجوه الذين ضايقوه وجعلوا أتعابه باطالة. فإذا رأوه يضطربون من شدة الجذع وينذهلون من خلاص لم يكونوا يظنونه ويقولون في أنفسهم نادمين وهم ينوحون من ضيق صدورهم هذا الذي كنا حيناً نتخذه سخرة ومثلاً للعار. وكنا نحن الجهال نحسب حياته جنوناً وموته هواناً. فكيف أصبح معدوداً في بني الله وحظه بين القديسين؟…”
النبوءات عن قيامة المسيح
يونان 1، 17 و 2، 1 – 7: “أمّا الرب فأعدّ حوتاً عظيماً لابتلاع يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال. فصلّى يونان إلى الرب إلهه من جوف الحوت وقال: إليك يا رب صرخت فاستجبت لي في ضيقي. من جوف الموت أستغيث فسمعت يا رب صوتي… تكتنفني المياه إلى الأنف والغمر يحيط بي… لكنك أيها الرب إلهي سترفع حياتي من الهاوية”.
(هذه الآيات تصوّر موت وقيامة المسيح؛ راجع متى 12، 40).هوشع 6، 1 – 3: “تعالوا نرجع إلى الرب لأنه يمزّق ويشفي، يجرح ويضمد، يحيينا بعد يومين ويقيمنا في اليوم الثالث فنحيا”.
إشعيا 53، 11: “لأجل عناء نفسه، يرى النور ويكون راضياً”.
المزامير 16، 10: “لا تتركني في عالم الأموات يا الله لئلا يرى تقيك الفساد”.
المزامير 18، 5 – 6 و 17: “حبائل الموت اكتنفتني، وباغتتني سيول الهلاك. حبائل عالم الموت أحاطت بي، وأشراك الموت نُصبت قدامي… أرسل الرب من عليائه فأخذني، وانتشلني من المياه الغامرة” (مياه الموت).
المزامير 110، 7: “وتُسقى الأودية دماء، فيرتفع رأسك أيها الملك”.
خلاصة: “لأجل عناء نفسه، يرى النور ويكون راضياً”، يعني أنه سيقوم من الموت: “لا يرى تقيّك الفساد”. يتكلم العهد القديم بطريقة غامضة عن قيامة المسيح، لأن هذا الحدث العظيم كان يجب حقا أن يحصل حتى نفهمه تماماً. غير أن اليهود قد تم تحضيرهم لواقع أن رجالاً مرسلين من الله، كالنبي أيليا مثلاً، سيكونون قادرين بقوة الله أن يقيموا الأموات (راجع الملوك الأول 17، 17 – 24). كان ذلك تحضيراً نفسياً وروحياً لقيامة المسيح.
الخاتمة
عندما وُلد يسوع الناصري (الجليل) في بيت لحم، هو الذي كان من سلالة داود، والذي جسّد خلال حياته جميع نبوءات العهد القديم، آمن به وتبعه كثير من اليهود. بيد أن كثيراً منهم، وعلى رأسهم الفريسيين، رفضوا أن يؤمنوا به كمسيح. لماذا؟
لأنهم كانوا ينتظرون مسيحاً عسكرياً ينقذهم من الرومان، آثروا التمسك بذهنيتهم الصهيونية مع هدف الأمة الإسرائيلية (يوحنا 11، 50) عوضاً عن الارتقاء إلى ذهنية الله الذي بشر بمسيح متواضع، يحمل الخلاص الروحي والسلام الداخلي لجميع أمم الأرض.
في النهاية نستطيع أن نتذكر ما قاله يسوع لليهود الذين كانوا يرفضونه: “تفحصون الكتب المقدسة حاسبين أن لكم فيها الحياة الأبدية، هي تشهد لي، ولكنكم لا تريدون أن تجيئوا إلي لتكون لكم الحياة…” (يوحنا 5، 39 – 47).
على ضوء الأحداث الرؤيوية اليوم (راجع “مفتاح سفر الرؤيا”)، لنصلي كلنا معاً ولنتوسل أبانا بحرارة أن يهدي جميع القلوب الصادقة، المتعطشة للحقيقة والمحبة، من كل الشعوب والأعراق.
ساعة المغفرة الكبيرة والمصالحة الكبيرة حول يسوع الناصري، المسيح الحقيقي، المخلص الوحيد لبني البشر، وحول أمه القديسة مريم، باتت قريبة، وقريبة جداً:
“ها هو آتٍ مع السحاب! (عودة يسوع المجيدة في الضمائر) ستراه كل عين حتى عيون الذين طعنوه، وتنتحب عليه جميع قبائل الأرض. نعم، آمين” (رؤيا 1، 7).
بيير (1985 ، تمت المراجعة في ديسمبر 2008)