إن تعاليم النبي محمد عن المسيح الدجال في الإسلام مستمدة من الأحاديث الروحية المعروفة بـ “الحديث النبوي الشريف”. فالقرآن الكريم لا يأتي على ذكر المسيح الدجال، إنما يتكلم عن “يأجوج ومأجوج”، الذين يرمزون إلى المسيح الدجال.
كثيراً ما تناول النبي محمد موضوع المسيح الدجال في أحاديثه الشريفة محذراً المؤمنين من هذا العدو الخطير.
ننقل تفسير وترقيم هذه الأحاديث من كتاب “منهل الواردين” للشيخ الراحل صبحي الصالح. هذا الكتاب هو تجميع للأحاديث الشريفة من كتاب “رياض الصالحين” لشيخ الإسلام محيي الدين النووي (القرن الثالث عشر للميلاد). في كتابه ينقل الشيخ صبحي الصالح هذه الأحاديث بأمانة إنما بترقيم مختلف.
النقاط الرئيسية التي كشفها النبي محمد عن المسيح الدجال والتي سنتناولها في بحثنا هي التالية:
“إنه أكبر أمر من آدم إلى قيام الساعة” (1812)
“ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال (المسيح الدجال)” (1812):
بالرغم من هذه الآية، يعتبر بعض المؤمنين أن المسيح الدجال لا يتمتع سوى بأهمية هامشية، ولا يستحق الذكر. مثل هذا الموقف لا يليق بمسلم غيور لأن النبي محمد وضعه على رأس قوى الشر التي تجب محاربتها. لا سيما وأن هذا العدو يسكن اليوم بيننا. تعود أهميته القصوى إلى منتهى شروره ومفاسده، إذ أنه أداة الشيطان على الأرض والمخرب الأكبر منذ إنشاء العالم، لذلك يقول عنه نبي الله (1806) إنه “يمر بالخَرِبة”. ويصفه يسوع بـ “نجاسة الخراب” (متى 24، 15)، وتنبأ أنه “ستنزل في ذلك الوقت (زمن المسيح الدجال) نكبة ما حدث مثلها منذ بدء العالم، ولن يحدث” (متى 24، 21). هذه النكبة الرهيبة هي لامتحان إيمان البشر. فقد قال النبي محمد للمؤمنين في حديثه (1806) عن المسيح الدجال: “يا عباد الله، فاثبتوا …” (تفسير “منهل الواردين”: أقيموا على الإيمان ولا تنحرفوا)، وقال لهم المسيح يسوع: “في ذلك الوقت يسلمونكم إلى العذاب ويقتلونكم … ويرتد عن الإيمان كثير من الناس، ويخون بعضهم بعضاً… ومن يثبت إلى النهاية يخلص” (متى 24، 9 – 13).
كان النبي محمد يتكلم باستمرار عن الدجال (204):
“كنا نتحدث بحجة الوداع، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، ولا ندري ما حجة الوداع، فحمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر المسيح الدجال فأطنب في ذكره، وقال: ما بعث الله من نبي إلا أنذر أمته، أنذره نوح والنبيون من بعده، وإنه يخرج فيكم، فما خفي عليكم من شأنه فليس يخفى عليكم. إن ربكم ليس بأعور”.
هنا يلفت النبي محمد الانتباه إلى أن هوية الدجال ستبقى غامضة حتى ظهوره.
لكن كيف ستُكشف هوية المسيح الدجال؟
يقول لنا الحديث 1813: “يخرج الدجال فيتوجه قِبَلَه رجل من المؤمنين … فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس، إن هذا هو الدجال الذي ذكر رسول الله”.
هكذا يعلمنا النبي محمد أن الله سيرسل مؤمناً ليدل على المسيح الدجال. لقد ظهر هذا المؤمن، وبأمر إلله، دلَّ على الدجال مشيراً إلى إسرائيل قائلاً: “هذا هو المسيح الدجال”. ما يؤكد نبوءة الإنجيل عن المسيح الدجال في رسالة يوحنا الأولى:
“فمن هو الكذاب إلا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح” (يوحنا الأولى 2، 22).
إنهم الصهاينة.
لقد تنبأ النبي محمد بمجيء رجل من بعده، من المؤمنين، رسالته كشف هوية المسيح الدجال. فكما قال رسول الله في الحديث نفسه عن هذا المؤمن: “هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين” (تفسير “منهل الواردين”: لأنه جابه الدجال ودمغه بشهادة الحق).
لقد ظهر هذا المؤمن بالفعل كاشفاً أن الدجال هو الكيان الإسرائيلي المزيف الكذاب.
كيف توصّل هذا المؤمن إلى اكتشاف هوية المسيح الدجال؟
حصل ذلك من خلال ظهورات متتالية للمسيح يسوع على هذا المؤمن ليعدّه لرسالته. الظهور الأهم كان في 13 أيار 1970 عندما قال له يسوع: “إفتح الفصل 13 من كتاب الرؤيا: الوحش هو إسرائيل”. (راجع نص: “مفتاح سفر الرؤيا”).
انطلاقاً من هذه الظهورات، بدأ بحث دقيق وعميق حول النبوءات المتعلقة بالمسيح الدجال. إن السماء إذاً هي التي بادرت إلى كشف هوية المسيح الدجال.
النبوءات الكتابية والإسلامية تقود إلى اكتشاف المسيح الدجال في العالم الصهيوني:
علينا أن نميّز الفرق بين صهاينة ويهود صالحين. لقد ربط النبي محمد المسيح الدجال باليهود في الحديث 1810 قائلاً: “يتبع الدجال من يهود أصبهان (إيران) سبعون ألفاً…”.
والحال هو أن أصبهان هي المدينة الإيرانية التي يسكنها العدد الأكبر من اليهود. بعد سقوط شاه إيران، حصلت هجرة كبيرة من اليهود الإيرانيين إلى إسرائيل. العدد سبعون ألفاً هو عدد رمزي ويمثل مجموعة عالمية: تدفق اليهود من بلدان العالم أجمع إلى فلسطين.
في الحديث 1818، يقول النبي محمد أيضاً: “لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا الغرقد (الذي لن يقول ذلك) فإنه من شجر اليهود”.
في تفسير منهل الواردين، “حتى يقاتل المسلمون اليهود”: فيه إشارة واضحة إلى أن اليهود في آخر الزمان يستردون بعض قوتهم، حتى يتمكنوا من محاربة المسلمين… إن الحروب العربية الإسرائيلية التي سببها الاحتلال الصهيوني لفلسطين، هي علامة على وجود المسيح الدجال في الأرض المقدسة. أما عن شجر “الغرقد” فيقول الدكتور صبحي الصالح في كتابه (صفحة 992) إنه “نوع من شجر الشوك ببيت المقدس، حيث يلقى الدجال واليهود مصارعهم”.
نقطتان مهمتان سنسلّط الضوء عليهما في هذا التفسير:
- الرابط الحميم بين الدجال واليهود.
- ظهور الدجال في فلسطين، في قلب القدس، حيث سيفنى مع اليهود الصهاينة.
لذلك فهم كثير من المفسرين أن عبارة “المسيح الدجال” تمثل مجموعة متجانسة من الناس يتميزون بالتدجيل والكذب. من جهة أخرى، في كتابه منهل الواردين، يقول الشيخ صبحي الصالح أيضاً (ص 608): “المسيح الدجال هو اسم لجنس، أي من يكثر منه الكذب والدجل، فقد ورد في الحديث (النبوي الشريف): يكون في آخر الزمان دجالون“. نفهم إذاً أن الدجال يمثل مجموعة دجالين وليس فرداً واحداً. هذا هو أيضاً رأي الإنجيل إذ يقول يوحنا:
“في العالم كثير من المضللين… لا يعترفون بمجيء يسوع المسيح. هذا هو المضلل والمسيح الدجال” (يوحنا الثانية 7).
“سمعتم أن مسيحاً دجالاً سيجيء، وهنا الآن كثير من المسحاء الدجالين… خرجوا من بيننا…” (يوحنا الأولى 2، 18 – 19).
“خرجوا من بيننا” أي أنهم خرجوا من اليهود، فقد كان الرسل من اليهود، إلا أنهم آمنوا بيسوع المسيح. أما اليهود الذين لم يؤمنوا به فهم المسيح الدجال؛ لأنهم ينكرون يسوع ويؤذنون بمجيء مسيح آخر، مسيح عنصري ذات طموحات صهيونية مثل أرييل شارون اليوم. هذا هو المسيح الدجال، فالمسيح الحقيقي ليس سوى يسوع. “من هو الكذاب إلا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح. هذا هو المسيح الدجال” (يوحنا الأولى 2، 22). بتعبير آخر، المسيح الدجال هو الإنسان والمجتمع الصهيونيان اللذان يؤلفان الكيان الدجال، المعروف بـ “دولة إسرائيل”.
بعد أن عرضنا الصلة الوثيقة بين اليهود والمسيح الدجال، ننتقل إلى نقطة أخرى.
العلاقة بين اليهود الصهاينة، المسيح الدجال و “يأجوج ومأجوج”:
نبرهن أن هذه التسميات الثلاث لا تشكل سوى حقيقة واحدة على حد سواء. الصهاينة و “يأجوج ومأجوج” يشكلون شخصاً معنوياً واحداً معروف أيضاً تحت اسم المسيح الدجال. يقول النبي محمد في حديثه الشريف 1808:
“ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم (سد) يأجوج ومأجوج مثل هذه”، (وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها).
يعتقد بعض المفسرين أن ليأجوج ومأجوج علاقة بالاسكندر الكبير. والحال هو أن الاسكندر (القرن الرابع ق.م) سبق محمد بألف سنة تقريباً. وهنا النبي محمد يتكلم عن يأجوج ومأجوج في المستقبل، وليس في الماضي، بما أنه يقول: “ويل للعرب من شر قد اقترب”، وليس من شر قد انقضى في الماضي في زمن الاسكندر.
الالتباس بين “يأجوج ومأجوج” والاسكندر الكبير ينتج من واقع أن العرب يطلقون على الاسكندر لقب “ذي القرنين” بسبب قوته:
[ قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سداً ] (قرآن 18؛ الكهف، 94).
كان الاسكندر الكبير معروفاً بـ “ذي القرنين” بسبب نبوءة النبي دانيال (دانيال 8). بينما الآية الآنفة الذكر تشير في الحقيقة إلى وحش كتاب الرؤيا الثاني (الولايات المتحدة الأميريكية): له قرنان ووضع نفسه في خدمة الوحش الأول (إسرائيل) الذي يمثل الوثنية الحديثة: “جوج وماجوج” (رؤيا 13، 11 – 17 / 20، 7 – 9). البحث حول يأجوج ومأجوج في القرآن يجب أن ينصب في هذا الاتجاه. هنا تبرز من جديد ضرورة الاستعانة بالإنجيل لفهم بعض مقاطع القرآن.
الصلة بين “يأجوج ومأجوج” والمسيح الدجال توضح لماذا قال النبي محمد في أحد أحاديثه الشريفة إن تلاوة سورة الكهف – السورة الوحيدة التي تأتي على ذكر “يأجوج ومأجوج”- تقي من المسيح الدجال. (مذكور في القرآن الكريم المترجم إلى الفرنسية لمحمد حميد الله، إصدار هلال ياينلاري، أنقرة 1973).
الحديث 1806 يروي على حد سواء أن قوم “يأجوج ومأجوج” سينقضوا على فلسطين متدفقين من العالم أجمع لأن النبي يقول:
“ويبعث الله “يأجوج ومأجوج” وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية (في فلسطين)”.
لاحظ هنا أيضاً أن النبي محمد لم يقل: “بعث الله يأجوج ومأجوج”، بل “يبعث الله يأجوج ومأجوج”، في المستقبل. أي أنه إذاً حدث مستقبلي من بعد النبي محمد.
القرآن يصدّق على هذا الحشد الهائل والعالمي في فلسطين في نهاية الأزمنة، قائلاً في السورة 27؛ النمل، 82 – 83:
[ ويوم (عند ظهور دابة؛ راجع الآية 82) نحشر (الله) من كل أمة فوجاً ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون (في فلسطين) ].
من هم هؤلاء القوم الذين يكذبون بآيات الله والذي يسمح بتجمعهم؟
يشير القرآن إلى اليهود وينعتهم بالكفر بسبب نقضهم الميثاق، إنكارهم المسيح يسوع، وافترائهم على العذراء مريم:
[ فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق… وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً ] (قرآن 4؛ النساء، 155 – 156).
الذين تشير إليهم هذه الآيات، في زمننا المعاصر، هم الصهاينة المحتشدون من جميع أنحاء العالم في فلسطين. كفرهم جعل النبي محمد يقول في الحديث 1815 إن الدجال “مكتوب بين عينيه ك ف ر”. هذه الأحرف تشكل كلمة “كفر”، أي تجديف، الصفة التي يتميز بها المسيح الدجال (رؤيا 13، 1 / 17، 3).
نعت النبي محمد أيضاً هذا الدجال بالـ “الأعور الكذاب”:
إنه كذاب في كل كلامه المتعلق بالحقائق الإلهية وفي تحاوره مع الناس. يشوه علامات ونبوءات الله وخاصة بإعلانه عن مجيء مسيح آخر صهيوني. أعور لأنه لا يرى الأمور إلا بعين واحدة، بأنانية، ووفقاً لمصلحته الشخصية. فيقول النبي محمد في الحديث 1815: “ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور”. وفي الحديث 204: “إن ربكم ليس بأعور، وإنه (أي الدجال) أعور عين اليمنى…”.
يحذرنا النبي محمد من قدرة المسيح الدجال على الإغواء والتضليل، فيقول في حديثه الشريف 1806:
“غير الدجال أخوفني عليكم… فيأتي على القوم، فيدعوهم، فيؤمنون به، ويستجيبون له”.
في الإنجيل أيضاً يشدد المسيح على ضرورة التنبّه من شر المسيح الصهيوني الكذاب وجماعته قائلاً لتلاميذه: “إنتبهوا لئلا يضللكم أحد. سيجيء كثير من الناس منتحلين اسمي، فيقولون: أنا هو المسيح! ويخدعون كثيراً من الناس… ويظهر أنبياء كذابون ويضللون كثيراً من الناس. ويعم الفساد، فتبرد المحبة في أكثر القلوب. ومن يثبت إلى النهاية يخلص… سيظهر مسحاء دجالون وأنبياء كذابون يصنعون الآيات والعجائب العظيمة ليضللوا، إن أمكن، حتى الذين اختارهم الله، ها أنا أنذركم” (متى 24).
لقد أغوت إسرائيل العرب، وحتى الفلسطينيين أنفسهم. واستجاب معظمهم، ضمنياً أو صراحة، لندائها (كامب دايفيد، أوسلو، إلخ…).
يطلب محمد من المؤمنين أن يحسبوا مدة ظهور هذا العدو الرهيب:
“قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوماً: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم. قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره” (حديث 1806).
يتفق المفسرون على معنى هذا الكلام الذي يعني تقدير مواقيته حساباً، وفقاً لتفسير كتاب منهل الواردين (ص 978).
يوصي النبي محمد إذاً المؤمنين بتقصّي مجيء المسيح الدجال وحساب مدة وجوده الزمنية، جاعلاً من هذه الوصية فرضاً أهم من صلاة يوم كامل طوال سنة.
لكن كيف نستطيع أن نحسب هذه المدة التقريبية من 40 سنة أو 40 يوماً؟ هذا الحساب مستحيل إن لم نكتشف أولاً هوية الدجال. لذلك يجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار حقيقتين مهمتين:
أ) الإيمان بكلام هذا المؤمن الذي أعلن محمد عن ظهوره، الرجل المرسل من الله ليكشف هوية المسيح الدجال، كما ذكر آنفاً (الحديث 1813).
ب) الرجوع إلى نبوءات الإنجيل عن المسيح الدجال لأنها تقدّم لنا نوراً مكملاً عن هذا الموضوع، والتي تكشف أن دولة قوية ستدعم المسيح الدجال، التي ليست بالتأكيد سوى الولايات المتحدة الأميريكية. انطلقت بداية سقوط إسرائيل في 1983 عند انسحابها الأول من لبنان، واضعةً بذلك حدّاً للحلم التوسعي لإسرائيل الكبرى، 35 سنة بعد إنشائها كدولة. تحققت هزيمتها الثانية في شهر أيار (مايو) سنة 2000 عندما لاذت بالفرار من جنوب لبنان. عند زوالها القريب والنهائي، ستتوضح جميع النبوءات. (راجع نص: “مفتاح سفر الرؤيا”).
كيف سيهلك المسيح الدجال؟:
يبعث الله عيسى وأصحابه فيهلكون الدجال. فيقول النبي محمد في حديثه 1806:
“فبينما هو كذلك إذ بعث الله تعالى المسيح بن مريم… فيطلبه حتى يدركه بباب لد (بالقرب من تل أبيب) فيقتله. ثم يأتي عيسى قوماً قد عصمهم الله منه (من الدجال)… ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون…”.
لاحظوا أن يسوع، المسيح، هو من بعثه الله ليواجه المسيح الدجال ويأجوج ومأجوج. ولاحظوا أيضاً أنه من خلال قوم منعاء يشن المسيح حربه ضد أعدائه. في هذا الحديث نفسه أيضاً، يقول الله عن هؤلاء الذين لا يقهرون: “أخرجت (إلى القتال) عباداً لي لا يدان أحد بقتلهم”. وتجدر الإشارة هنا إلى أن أصحاب عيسى ليسوا بالضرورة المسيحيين التقليديين وحدهم، خاصة وأن الكثيرين منهم قد انجرفوا وراء الدجال فسقطوا في الخيانة، إنما المؤمنون من كل الفئات والأعراق الذين يقاومون الدجال ويحاربونه.
إن الذين يهبّون لمحاربة المسيح الدجال ملهمون في جهادهم من روح يسوع المسيح. وسيقضون على المسيح الدجال.
نذكر أنه بباب لد، بالقرب من تل أبيب (حيث يوجد اليوم المطار الإسرائيلي الدولي)، سيهلك المسيح الدجال. هذا يبرهن أنه موجود في فلسطين. لذلك يقول محمد في حديثه 1808: “يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين، لا أدري أربعين يوماً، أو أربعين شهراً، أو أربعين عاماً، فيبعث الله عيسى ابن مريم، فيطلبه فيهلكه، ثم يمكث الناس سبع سنين (رمزية) ليس بين اثنين عداوة”.
يبشر الإنجيل أن السيد المسيح وأصحابه سيقضون قضاءً تاماً ونهائياً على الدجال وأتباعه، فيقول الرسول يوحنا في كتاب الرؤيا: “رأيت السماء مفتوحة، وإذا فرس أبيض وعليه راكب (الفارس) يدعى الأمين والصادق (أي المسيح الأمين الصادق، عيسى عليه السلام)، يحكم ويحارب بالعدل… واسمه “كلمة الله” (إنه إذاً يسوع المسيح). وكانت تتبعه على خيل بيض جنود السماء … ورأيت الوحش (المسيح الدجال) وملوك الأرض (حلفاء الوحش) وجيوشهم يتجمعون ليقاتلوا الفارس (يسوع المسيح) وجيشه. فوقع الوحش في الأسر مع النبي الكذاب (الوحش الثاني ذو القرنين) … وألقوهما وهما على قيد الحياة في بحيرة من نار الكبريت الملتهب” (رؤيا 11: 19 – 21).
خلاصة
يأجوج ومأجوج يظهرون في نهاية الأزمنة. سورة “الكهف” تتكلم عن يوم الحساب بذكرها هؤلاء الوثنيين. تجمّعهم يؤذن بنهاية الأزمنة:
[ وتركنا بعضهم يومئذ يموج ونفخ في الصور فجمعناهم جمعاً (في فلسطين)، وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضاً، الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعاً ] (قرآن 18؛ الكهف، 99 – 101).
في سورة النمل، يقول الله أيضاً:
[ ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله… وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعلمون ] (قرآن 27؛ النمل، 87 – 93).
ما هي هذه الآيات التي سيريها الله والتي وحدهم المؤمنون الحقيقيون سيتعرفون عليها؟ من بين هذه الآيات، الأولى هي ظهور المسيح الدجال في الأرض المقدسة. الآية الثانية هي ظهور هذا المؤمن الذي سيدل على هذا الدجال الكافر ويكشف هويته.
على المؤمنين الحكماء أن يعرفوا أن المسيح عيسى ابن مريم، يعمل عمله بيننا اليوم، داعياً الضمائر النقية إلى محاربة الدجال الصهيوني وحلفائه. فبشارة انتصارهم قد أعلنتها نبوءات الله. وجنود يسوع اليوم يسمعون صوت البوق الذي يدوّي.
نختم بكلام النبي محمد، الساهر الغيور على المؤمنين، والذي أراد بنفسه أن يدحض مزاعم الدجال:
“غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم، فكل امريء حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم”.
لقد ظهر المسيح الدجال ومحمد ليس بيننا. خليفته الوحيد إذاً هو الله نفسه، الخالق الذي يدعو للقتال ضد المسيح الدجال. حان الوقت الذي لا يعد أحد يدّعي فيه لقب خليفة، كون الله وحده خليفة محمد الوحيد. لا يجب على أي زعيم روحي إذاً أن يعارض هذا القتال، كما يجب على كل مؤمن أن يجد براهينه، كما يحدد النبي، وينطلق إلى المعركة دون أن يسمح للتقاليد المتحجرة بإعاقته. حان الوقت لنتذكر كلام النبي محمد في حديثه 184 إذ يقول:
“من جاهدهم (أعداء الله) بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان مثقال حبة خردل”.
بطرس
1978